قالت الدكتورة رشا السيد محمد السلاب، المحللة و الخبيرة الاقتصادية، إن المشكلة المتصلة بإمدادات الغاز الطبيعي وتأثيرها على قطاع الأسمدة في البورصة تعتبر من القضايا ذات الأهمية الكبيرة، خاصة بعد إعلان شركتي “موبكو” و”أبو قير للأسمدة” عن نقص في إمدادات الغاز الطبيعي لمصانعهما، موضحا أن هذا النقص من المتوقع أن يقلل الإنتاج بنسبة 30% خلال الأسبوعين القادمين.

وأوضحت « السلاب» في تصريح خاص لـ ” الجارديان مصر” أن النقص الحالي يعود إلى عدة عوامل، منها زيادة استهلاك الطاقة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وتوقف بعض مصادر الإمدادات الإقليمية للغاز، ما أدى إلى انخفاض مخزون شبكة الغاز في مصر، إذا استمرت هذه الأزمة لفترة أطول، فإن العواقب قد تكون أكثر خطورة.

وتابعت أنه في حال طال أمد الانقطاع، قد تضطر المصانع إلى خفض إنتاجها بصورة كبيرة، مما سينعكس سلبًا على أرباحها وأدائها في سوق الأسهم، بالإضافة إلى ذلك، سيؤدي انخفاض الإنتاج إلى نقص في المعروض من المنتجات الأساسية مثل الأسمدة والبتروكيماويات، الأمر الذي قد يدفع الأسعار للارتفاع ويؤثر على السوق التصديرية.

أما بالنسبة الناحية الاقتصادية، أكدت أن الدولة ستتعرض لضغوط إضافية، لأن هذه الشركات توفر النقد الأجنبي عبر التصدير. ومع تراجع العائدات، قد يتأثر الاحتياطي النقدي وتظهر انعكاسات على استقرار السوق الصناعي سواء عبر تعطيل العمليات التشغيلية أو تأجيل بعض الأنشطة، مما يؤثر على الوظائف المرتبطة بهذا القطاع، علاوة على ذلك، قطاع الأسمدة يعتمد بشكل رئيسي على الغاز الطبيعي كمادة أساسية في التصنيع، لذا فإن أي ارتفاع في تكلفة الغاز أو نقص في إمداداته سيؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج، وبالتالي ارتفاع أسعار بيع الأسمدة، هذا الارتفاع يؤثر بشكل مباشر على المزارعين الذين يعتمدون عليها، ما يسبب تأثيرات مضاعفة على أسعار المنتجات الزراعية والاستهلاك المحلي.

وأضافت أن أي زيادة في تكاليف الإنتاج قد تجعل شركات الأسمدة تواجه تحديات في تحقيق أرباح مجدية، مما قد يدفعها لخفض الإنتاج أو تأجيل خطط التوسع، هذا الوضع يترك السوق عرضة لتقلبات جديدة وقد يدفع الشركات لاستثمار المزيد من الوقت والمال في إيجاد بدائل للطاقة وتقنيات أكثر كفاءة، مشيرا إلى أنه على المدى الأبعد، التبعات الاقتصادية قد تمتد لتؤثر على استثمارات الشركات في مجال البحث والتطوير. مع شح الموارد، قد تقل ميزانيات الابتكار لتطوير منتجات أسمدة أكثر كفاءة واستدامة بيئيًا، مما يضعف قدرة القطاع على التحديث ومواكبة التطورات العالمية.

حلول المشكلة المتصلة بإمدادات الغاز الطبيعي

وفيما يتعلق بحل هذه المشكلة، أوضحت الدكتورة رشا السيد محمد السلاب، الخبيرة و المحللة الاقتصادية، أنها تطلب استراتيجية شاملة ومتكاملة، فيمكن البدء بتنويع مصادر الطاقة المستخدمة في إنتاج الأسمدة لتشمل الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح لتقليل الاعتماد الحصري على الغاز الطبيعي، كما يمكن العمل على تحسين كفاءة استهلاك الغاز الطبيعي داخل المصانع لتقليل الهدر والاستفادة القصوى من الكميات المتوفرة، ومن خلال الاستثمار في تقنيات جديدة للإنتاج تكون أكثر مرونة وأقل تكلفة، يمكن تحقيق تقدم كبير، أيضًا، يمكن أن تلعب الدولة دورًا داعمًا عبر توفير الدعم المالي والمحفزات للشركات التي تتبنى ممارسات مستدامة أو تستثمر في تقنيات مبتكرة. تطوير البنية التحتية لشبكات توزيع الغاز والطاقة المتجددة يشكل خطوة أساسية أيضًا لتقليل خسائر النقل وضمان استقرار الإمدادات.

وأضافت أن التوسع في الزراعة الذكية وتنويع الإنتاج الزراعي يوفر للمزارعين خيارات أكبر ويجعلهم أكثر قدرة على التأقلم مع تغيرات السوق، بجانب ذلك، تعزيز التعاون الدولي والإقليمي لتبادل التكنولوجيا والخبرات قد يكون وسيلة فعالة لتحسين كفاءة تشغيل هذا القطاع الحيوي، تدريب المزارعين والفلاحين أيضًا يمثل جزءًا من الحل، فمن خلال توعيتهم حول الاستخدام الرشيد للأسمدة والتقنيات الزراعية الحديثة، يمكن تحقيق إنتاجية أعلى بكفاءة موارد أفضل.

واختتم حديثها بأن تطبيق هذه الحلول لا يخفف فقط من حدة الأزمة الحالية لكنه يؤسس لاستدامة طويلة الأجل لهذا القطاع الاقتصادي الحيوي والذي يعد ركيزة للإنتاج الزراعي وأحد مصادر الدخل القومي من العملة الصعبة.