خبير: ضغوط مزدوجة على الوون الكوري مع زيادة التوترات الصينية اليابانية

قال الدكتور عبد الرحمن طه خبير الاقتصاد الرقمي إن استمرار تراجع South Korean won إلى حدود 1,470 وون لكل دولار يعكس مزيجًا من الضغوط المالية والاقتصادية، أبرزها تدفقات الخروج الضخمة للأجانب من سوق الأسهم، إلى جانب الطلب المتصاعد من الشركات الكورية على الدولار في ظل اتساع تقلبات العملات العالمية.

 

وأضاف أن شهر نوفمبر سجّل أكبر صافي بيع أجنبي للأسهم الكورية هذا العام، في انعكاس لحالة “إعادة تسعير للمخاطر” داخل الأسواق الآسيوية دفعت المستثمرين إلى الخروج السريع.

وأشار طه إلى أن هذا الخروج شكل ضغطًا مزدوجًا على الوون: تخارج رأسمالي زائد مع لجوء المؤسسات والشركات إلى جمع ودائع بالدولار تحضيرًا لتوسعات خارجية أو كتحوّط ضد تقلب العملة، وهو ما زاد الطلب على الدولار وأسهم في إضعاف العملة المحلية.

على الصعيد المحلي، بيّن أن النشاط الصناعي لم يُظهر مؤشرات تعافي واضحة؛ فقد ظل مؤشر مديري مشتريات التصنيع (PMI) في منطقة الانكماش رغم الاستقرار الجزئي، ما يقلّل من قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات واستعادة سيولة داخلية تدعم الوون.

رغم هذا، حمّل طه تصوره جيو-اقتصاديًا بأن الصورة ليست قاتمة بالكامل، وأشار إلى عدة “نقاط تفاؤل مشروط”: أولًا، تحسّن أداء الصادرات في نوفمبر — مدفوعًا بطلب عالمي مستمر على منتجات تكنولوجية وكهربائية جنوبية، وبدعم من الاتفاق التجاري الأخير مع الولايات المتحدة — وهو ما يعني تدفقات دولارات قد تُخفف من الضغط على العملة.

ثانيًا، أي انتعاش في الاقتصاد العالمي، أو استقرار في أسواق الصادرات وخاصة للسلع الكورية (رقائق، سيارات، إلكترونيات) قد يعيد جزءًا من رأسمال الأجانب أو يحد من نزيف التدفقات الخارجية، ما يخفّف من الضغط على الوون.

أما على صعيد خارجي، فلفت طه إلى أن التوتر الجيو-سياسي المتصاعد بين دول كبرى في شرق آسيا — مثل الصين واليابان — يعيد رفع “عامل الخوف والنفور من المخاطر” في المنطقة، ما يدفع جزءًا من رؤوس الأموال الإقليمية إلى التحوّط بالسيولة بالدولار. لكن أكد أن هذا العامل يُعد “مُضخّمًا” للتوتر العام في الأسواق، وليس السبب الرئيسي أو الوحيد لتراجع الوون؛ لأن المعادلة الحقيقية تبقى مرتبطة بـ “اقتصاد حقيقي + إنتاج + صادرات + ثقة مؤسسات + بيئة داخلية مستقرة”.

من هذا المنظور، يرى طه أن الأجل القريب لا يزال محفوفًا بالمخاطر بالنسبة للوون، لكن الأجل المتوسط ربما يشهد “تسوية حذرة” إذا توفرت الشروط: استقرار عالمي، تحسن في الطلب على الصادرات الكورية، عودة بعض رؤوس الأموال، وتحول الشركات نحو مزيد من الإنتاج والدخل بالدولار. وهذا يجعل 2026 ربما عامًا لتخفيف الضغط وليس الانفراج الكامل، لكن فيه فرصة «للتنفّس» ولتثبيت سعر صرف أقل هبوطًا.

وفي ختام تصريحه قال طه إن العملة الكورية — رغم وضعها الحالي الصعب — ما زالت أمام فرصة للبقاء ضمن نطاق مقبول إذا ترافقت سياسات نقدية حكيمة، دعم للصناعة والتصدير، وتحفيز للاستثمار المحلي، مؤكدًا أن “الاستقرار الحقيقي” لن يأتي من المضاربات أو تدخل مؤقت، بل من تغيير هيكلي في علاقة الاقتصاد الكوري مع السوق العالمي، وتحوّل من “رأسمال سريع + مضاربة” إلى “تصدير + إنتاج + استقرار”.

  • نوران الرجال

    نوران الرجال عضو لجنة النقل البحري بالجمعية العمومية العلمية للنقل و عضو لجنة التجارة والصناعة بحزب الدستوريين الأحرار و صحفية في دار الهلال ومؤسسة برنامج الكنز في الصندوق و ما لا تعرفه

    Related Posts

    عمرو أبو السعود: مصر تقترب من الاكتفاء الذاتي من القمح

    أكد النائب عمرو أبو السعود، عضو مجلس الشيوخ، والأمين العام المساعد لأمانة الزراعة والري المركزية بحزب مستقبل وطن، ورئيس مجلس إدارة الثروة الحيوانية على مستوى الجمهورية، أن واردات مصر من…

    وزراء العالم يشيدون بانعقاد المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية بالقاهرة لاستلهام التجربة المصرية

    كتب : ماهر بدر أشادت منى الصغير، الأمين العام للمنتدى العالمي للإعلام والتنمية ، جلوبال كومباكت ، التابع للأمم المتحدة، بنجاح مصر في استضافة المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية،…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *