الباحثة نوران الرجال تكتب ..التأثير المحتمل للصراع بين إسرائيل وإيران على اقتصاد مصر وقناة السويس

يثير التوتر المستمر بين إسرائيل وإيران مخاوف ليس فقط بشأن الديناميكيات الإقليمية في الشرق الأوسط، بل أيضًا بشأن الاستقرار الاقتصادي للدول المجاورة، وخاصة مصر، تناقش هذه المقالة الآثار المحتملة للصراع بين هاتين الدولتين على اقتصاد مصر وأهمية قناة السويس، حيث تشمل النقاط الرئيسية دراسة العلاقات التاريخية، والجوانب الاقتصادية المرتبطة بالقناة، والتداعيات الجيوسياسية التي قد تنشأ عن مثل هذا الصراع.

تعد قناة السويس من أهم الممرات المائية الاستراتيجية في العالم، حيث تشكل ممرًا حيويًا للتجارة البحرية العالمية، ولا يمكن المبالغة في أهميتها لمصر، إذ يمر عبر القناة حوالي 12% من تجارة العالم، مما يجعلها مصدرًا حيويًا للإيرادات للاقتصاد المصري، ولا تُسهّل القناة النقل الدولي فحسب، بل تُوفّر أيضًا فرص عمل وتدعم الاقتصادات المحلية، وخاصة في بورسعيد والإسماعيلية.

تاريخيًا، ارتبط الاقتصاد المصري ارتباطًا وثيقًا بالاستقرار الإقليمي، تعطل  الصراعات في الشرق الأوسط طرق التجارة، وقد تؤدي إلى ارتفاع أسعار تأمين الشحن، مما يؤثر على تكاليف الشركات التي تعتمد على القناة، إذا تصاعدت التوترات إلى صراع عسكري بين إسرائيل وإيران، فقد تختار شركات الشحن مسارات أطول لتجنب المخاطر المحتملة، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في الإيرادات الناتجة عن رسوم عبور القناة، ووفقًا لهيئة قناة السويس، بلغت الإيرادات حوالي 8 مليارات دولار أمريكي في عام 2021، مما يُبرز الدور الاقتصادي الحيوي للقناة لمصر، قد يُفاقم انخفاض هذا الدخل التحديات التي تواجهها مصر، مثل ارتفاع التضخم وتنامي الدين العام.

بالإضافة إلى التداعيات المالية المباشرة، يجب مراعاة المشهد الجيوسياسية الأوسع، يشكل نفوذ إيران في المنطقة تحديًا للأمن القومي المصري ومصالحها الاقتصادية، إذا انخرطت إسرائيل عسكريًا مع إيران، فقد تتزايد التوترات الإقليمية، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار في الدول المحيطة، بما في ذلك مصر، إن تزايد عدم الاستقرار قد يؤدي إلى ردع الاستثمارات الأجنبية والسياحة، وهما قطاعان مهمان للاقتصاد المصري.

لا يقتصر اللاعبون الرئيسيون في هذه المعادلة على إسرائيل وإيران فحسب، بل يشملون أيضًا قوى خارجية مثل الولايات المتحدة وروسيا، اللتين لهما مصالح في الشرق الأوسط، لطالما كانت الولايات المتحدة حليفًا قويًا لإسرائيل، في المقابل، تلقت إيران دعمًا من عدة دول، مما زاد من تعقيد المشهد الجيوسياسية،  ويعني تفاعل هذه القوى العالمية أن أي صراع متزايد قد يؤدي إلى تداعيات أوسع نطاقًا، لا تقتصر على مصر فحسب، بل تؤثر أيضًا على أسعار النفط العالمية وطرق التجارة.

لا تقتصر الآثار الاقتصادية للتوتر بين إسرائيل وإيران على قناة السويس، فمصر لديها شراكات اقتصادية إقليمية قد تتعرض للخطر في حال نشوب صراع، إن اعتماد العالم العربي على قناة السويس لنقل النفط وتجارة النفط يعني أن أي اضطرابات ستكون لها آثار متلاحقة في جميع أنحاء المنطقة، وقد يؤدي أي تصعيد إلى انخفاض التجارة بين الدول العربية، وهو أمر بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي والاستقرار.

في السنوات الأخيرة، سعت مصر إلى ترسيخ مكانتها كقائدة في العالم العربي، إلا أن احتمال تفاقم الصراع يشكل خطرًا على هذا الطموح. إذا اعتُبرت مصر عاجزة عن إدارة آثار عدم الاستقرار الإقليمي، فقد يتضاءل نفوذها السياسي، علاوة على ذلك، تسعى الحكومة المصرية جاهدة إلى تطبيق إصلاحات لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وأي بوادر عدم استقرار قد تُقوّض هذه الجهود.

لعبت شخصيات مؤثرة عديدة دورًا في صياغة الخطاب المتعلق بالصراع في الشرق الأوسط، ومن الجدير بالذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي شدد على ضرورة الاستقرار الإقليمي باعتباره أمرًا بالغ الأهمية للتقدم الاقتصادي لمصر، وستكون خيارات إدارته في السياسة الخارجية فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل وإيران، مع مراعاة سياقاتهما التاريخية المعقدة، حاسمة في كيفية تعامل مصر مع ديناميكيات الصراع المحتملة.

وتتباين وجهات النظر حول هذه القضية بشكل كبير، حيث يجادل بعض المحللين بأن الصراع المباشر بين إسرائيل وإيران قد يخلق فرصًا لمصر لتأكيد قوتها ونفوذها كوسيط في المنطقة، بينما يرى آخرون أن المخاطر تفوق الفوائد بكثير، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع الاقتصادي الهش أصلًا في مصر، وتؤكد هذه الآراء المتباينة على تعقيد المشهد الجيوسياسية وضرورة دراسة مصر لاستراتيجياتها في السياسة الخارجية بعناية.

قد يكون للصراع المحتمل بين إسرائيل وإيران تداعيات كبيرة على الاقتصاد المصري، لا سيما من خلال تأثيره على قناة السويس، ويُعد التفاعل بين الاستقرار الإقليمي والعلاقات الدولية والمصالح الاقتصادية أمرًا بالغ الأهمية لفهم هذه الديناميكيات، يجب على مصر أن تقيم  علاقاتها التاريخية مع كلا البلدين، مع مراعاة التداعيات الأوسع لأي صراع محتمل، وسيتطلب الحفاظ على الاستقرار وتعزيز النمو الاقتصادي مستقبلاً استشرافًا استراتيجيًا وجهودًا دبلوماسية للحد من المخاطر المرتبطة بالوضع المتقلب في الشرق الأوسط.

نوران الرجال

نوران الرجال عضو لجنة النقل البحري بالجمعية العمومية العلمية للنقل و عضو لجنة التجارة والصناعة بحزب الدستوريين الأحرار و صحفية في دار الهلال ومؤسسة برنامج الكنز في الصندوق و ما لا تعرفه

Related Posts

الدكتور على الطحاوي يكتب .. توازن النار والصمت.. قراءة للمشهد الراهن بين إيران ودولة الاحتلال الإسرائيلي

أرى ما حدث بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وجمهورية إيران الإسلامية نتيجة علاقات تسير على حافة الانفجار منذ سنوات طويلة، لكن ما تشهده الساعات والأيام الأخيرة يؤشر على تحول نوعي في…

لحظة كسر الضوابط .. ومقدمة لاشتباك أوسع؟

لحظة كسر الضوابط… ومقدمة لاشتباك أوسع؟   بقلم: د. عبد الرحيم جاموس   في تطور نوعي يُعد الأخطر منذ عقدين، أعلنت إسرائيل رسميًا مسؤوليتها عن الهجوم الجوي الذي استهدف منشآت…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *