الدكتور خالد فواز يكتب ..الاقتصاد غير المشروع.. عندما يتحول الإدمان إلى صناعة مدمرة

رغم تعدد الدراسات الاقتصادية، إلا أن كثيراً منها يتجاهل تحليل الاقتصاد غير المشروع مثل “الاقتصاد الإباحي” و”اقتصاد المخدرات”، بالرغم من تأثيره العميق على صحة المجتمعات واستقرار الدول، خاصة من خلال استهداف فئة الشباب، وتسببه في تفشي البطالة، وتراجع الإنتاج، وارتفاع معدلات الجريمة.

في هذا المقال، سنتناول جانباً مهماً من هذا الاقتصاد داخل مصر، مع تسليط الضوء على بعض الإحصائيات والحقائق، إضافة إلى طرح حلول واقعية قابلة للتنفيذ.

أولاً: الاقتصاد الإباحي وتأثيره على مصر

تعد مصر ثالث دولة عربية في نسب مشاهدة المواقع الإباحية. وتشير الإحصائيات إلى أن:

85% من الشباب في مصر يتابعون مواقع إباحية بانتظام.

60% من الفتيات أيضًا يتابعن هذا النوع من المواقع.

يوجد عالميًا أكثر من 25 مليون موقع إباحي، تحتوي على 370 مليون صفحة.

يزور هذه المواقع يوميًا أكثر من 155 مليون شاب حول العالم.

يُقدّر حجم الاقتصاد العالمي للمواقع الإباحية بـ 100 إلى 150 مليار دولار سنويًا.

الدول الداعمة للاقتصاد الإباحي ليست فقط من تُنتجه، بل أيضًا من تفرض ضرائب عليه لتحقيق أرباح ضخمة، مثل:

الدولة نسبة الضرائب المفروضة على صناعة الإباحية

الولايات المتحدة 20% (تصل في بعض الولايات إلى 30%)
ولاية كاليفورنيا 8% ضريبة مضافة + ضرائب دخل
ألمانيا 19% ضريبة القيمة المضافة
هولندا 21% ضريبة على الخدمات الإباحية
كندا 5% ضريبة فدرالية + ضرائب إقليمية
لوكسمبورغ وكوسوفو تقدّم تسهيلات مقابل رسوم وضرائب ثابتة

ثانياً: اقتصاد المخدرات في مصر

يُعدّ اقتصاد المخدرات من أخطر أنواع الاقتصاد غير المشروع، حيث تُقدّر عوائده في مصر فقط بـ:

400 مليار جنيه سنويًا.

يُنفق يوميًا في مصر على المخدرات أكثر من مليار و95 مليون جنيه.

الإحصائيات تشير إلى أن:

60% من الشباب يتعاطون المخدرات.

تبدأ التجربة غالبًا بين سن 12 إلى 30 عامًا.

تنتشر المخدرات في الجامعات، المدارس، الحفلات الخاصة، وأحيانًا في التجمعات الفاخرة.

من أشهر المواد المتداولة: الحشيش، الأفيون، الشابو، الاستروكس، الليريكا، الترامادول.
التكلفة التي تتحملها الدولة لمعالجة آثار هذا الاقتصاد تفوق أضعاف ما يُنفق عليه:

تنفق الدولة 800 مليون جنيه سنويًا على الحملات الأمنية والعلاج.

تتراوح تكلفة علاج الفرد الواحد بين 10 إلى 20 ألف جنيه في المراحل الأولى فقط.

يؤدي الإدمان إلى فقدان الإنتاجية، وزيادة الجرائم، وضعف التعليم، وانتشار الأمراض النفسية.

ثالثاً: الحلول المقترحة

1. منصات إلكترونية للعلاج السري:
إطلاق تطبيقات تجمع بين المدمن ولايف كوتش متخصص، تتيح له العلاج بسرية تامة. بعد التعافي، يُعاد دمج المتعافي من خلال توظيفه في مراكز علاج الإدمان لمساعدة آخرين.
2. تحليل ومراقبة دورية:
كما بدأت الدولة بتحليل المخدرات للعاملين، يُقترح التوسع في ذلك ليشمل متابعة سلوك الأفراد العاطلين أو المشبوهين عبر مراقبة سلوكهم الرقمي (مع احترام الخصوصية)، من خلال فرق متخصصة في الشركات الحكومية.
3. استثمار في المتعافين:
يُشجّع المستثمرون على دعم مشروعات للمتعافين، وتحويل تعافيهم إلى إنتاج فعلي، من خلال توفير تمويل صغير لمشروعاتهم وتحفيزهم على الابتكار.
4. إنتاج محتوى توعوي ربحي:
إطلاق فيديوهات توعوية، أفلام قصيرة، وبرامج تضم تجارب متعافين، تُنشر على يوتيوب أو منصات مدفوعة، لتكون مصدر توعية وربح في آنٍ واحد.
5. الرقابة على الأطفال مبكرًا:
مراقبة استخدام الأطفال للهواتف منذ سن 10 سنوات، من خلال تطبيقات ذكية تسمح للوالدين بتتبع نشاطهم ومحتواهم، دون أن يشعر الطفل بالضغط النفسي.
6. حجب المواقع الإباحية بالكامل:
فرض حظر تقني شامل على المواقع الإباحية داخل مصر، ومنع وصولها من خلال برامج فلترة ذكية. كما يجب تتبع محاولات الوصول لها واتخاذ إجراءات وقائية بحق المستخدمين قبل وقوعهم في الإدمان.
7. فرض ضريبة مجتمعية على أرباح شركات الإنترنت:
تُخصص نسبة من أرباح شركات الاتصالات والمنصات الرقمية في مصر لصندوق وطني لعلاج الإدمان ومكافحة المحتوى الإباحي، على غرار ضرائب البيئة أو الصحة.

8. إعادة تدوير المدمنين ضمن الاقتصاد الأخضر:
بعد علاج المتعاطين، يتم تأهيلهم ضمن مشروعات بيئية أو حرفية، مثل تدوير المخلفات أو الزراعة العضوية، مما يخلق لهم مصدر دخل ثابت ويعيد دمجهم في المجتمع.

الخاتمة:

إن مواجهة الاقتصاد غير المشروع لا يجب أن تُختزل فقط في منظور ديني أو اجتماعي، بل يجب أن تُطرح على الطاولة الاقتصادية باعتبارها قضية وطنية. فصحة الاقتصاد هي انعكاس مباشر لصحة المجتمع. وإذا لم تعالج الدولة جذور هذا النوع من الاقتصاد، فستستمر النزيف المالي، والانهيار الأخلاقي، وتراجع الإنتاج البشري.

وقد آن الأوان لتحويل المواجهة من حالة دفاع إلى هجوم منظّم، يقوم على التوعية، والعلاج، والوقاية، وإعادة التأهيل

  • نوران الرجال

    نوران الرجال عضو لجنة النقل البحري بالجمعية العمومية العلمية للنقل و عضو لجنة التجارة والصناعة بحزب الدستوريين الأحرار و صحفية في دار الهلال ومؤسسة برنامج الكنز في الصندوق و ما لا تعرفه

    Related Posts

    كامل الوزير  يستعرض خطط تحويل مصر إلى مركز إقليمي في الصناعة والنقل واللوجستيات وتجارة الترانزيت

    شارك الفريق مهندس/ كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل في افتتاح أعمال المنتدى المصري البلغاري المنعقد بمقر الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، وذلك بحضور  جورج…

    البنك المركزي يقرر خفض الفائدة بنسبة 1٪

    أعلنت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري يوم الخميس الموافق 22 مايو 2025 عن خفض سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة بمقدار 1% ليصل إلى 24%، وبالمثل خفضت معدل الفائدة…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *