بقلم #شيماء الحماقى
أولًا: الصراع الطبقي – جوهر الرواية
الرواية قائمة بالكامل على صراع طبقي واضح بين:
آل سليمان الأغنياء المسيطرين (عمر، أبناء السرايات)
الطبقة الدنيا المهمّشة التي يمثلها مصطفى وعائلته
الجمهور الريفي الفقير الذي يتأثر بالشائعات والخرافات
الطبقة الخدمية والعمال في المحالج، السرايات، الطرقات
هذا التقسيم يظهر بوضوح منذ الصفحات الأولى، مثل احتقار آل سليمان لمصطفى وشتمهم له ، واعتباره “عار” على العائلة.
من منظور ماركسي:
العائلة الحاكمة (آل سليمان) تمثل طبقة البرجوازية التي تملك الأرض والنفوذ.
بينما مصطفى والعمال يمثلون البروليتاريا التي تُستغل وتُقمع وتحرم من حقها في الثروة.
ثانيًا: السلطة والهيمنة
ماركس قال إن الطبقة الحاكمة لا تسيطر فقط بالمال، بل بـ الوعي والثقافة.
في الرواية:
آل سليمان لا يسيطرون بالقوة فقط… بل عبر نشر شائعات، خرافات، تديين الفقر، واستغلال الرعب الجمعي.
مثال واضح:
“الشائعة” التي ينشرها عمر عن “الكنز تحت الدار” لتحريك القرية لكسر بيوت الفقراء والحفر بلا عقل
إقناع الناس أن ذبح قطة عند بدء الحفر شرط لإخراج الكنز
هذا هو الوعي الزائف
الناس تُستغل لأنها تُصدّق ما يخدم مصالح الطبقة العليا.
ثالثًا: القطط كرمز ماركسي
القطط في الرواية ليست مجرد حيوانات…
هي رمز للطبقة المستضعفة، للذين لا صوت لهم، للذين يبحثون عن “نصيبهم”.
حين يقول مصطفى أو المدير:
“للقطط نصيب معلوم”
فهذا يساوي تمامًا في الفكر الماركسي:
لكل إنسان حقه الطبيعي في الثروة والعيش، بعيدًا عن هيمنة الطبقة الحاكمة.
القطط تمثل:
الفقراء
المطرودين
الجائعين
من يعيشون على أطراف المجتمع
وهروب القطط في شكل جماعات كما في النص
يشبه تمامًا “هجرة العمال” عند اشتداد الظلم.
رابعًا: العمل والاستغلال
في مشهد المحلج، يظهر الفرق بين من يملك العمل (أصحاب السرايات) وبين من ينتجه (العمال).
حين يثور العمال ثم يهربون فور ظهور عمر، فالرواية تصوّر:
غياب النقابات
ضعف التفاوض الطبقي
قوة السلطة مقابل هشاشة العامل
وهذا جوهر مفهوم استغلال فائض القيمة عند ماركس.
خامسًا: الدين كأداة ضبط اجتماعي
الرواية تُظهر بذكاء كيف تُستخدم الرموز الدينية والشعوذة لضبط المجتمع.
مثال:
استدعاء الدجالين ليفسروا الفقر والحرائق والطاعون
إقناع الناس أن الثروة تأتي من “كنز سحري” وليس من العمل
تحويل مشكلة اقتصادية (فقر، فئران) إلى قضية غيبية “القطط والطاعون”
هذا يتفق مع رؤية ماركس:
“الدين أفيون الشعوب… يستخدم لتهدئة الفقراء وصرفهم عن الثورة.”
سادسًا: دورة القهر بين الأجيال
الرواية تُظهر بوضوح أن القهر ليس حدثًا… بل منظومة تنتقل من جيل لآخر.
مصطفى يُظلم → ابنه أحمد يغضب → الحفيد يحمل أثر الماضي.
وهذا يتوافق مع قول ماركس:
“التاريخ يعيد إنتاج البنية الاجتماعية طالما لم تتغير وسائل الإنتاج والملكية.”
سابعًا: المرأة والبعد الطبقي
شخصية زينب تمثل:
الطبقة المكافحة
المرأة العاملة
من يتحمل عبء الإنتاج والمنزل معًا
بينما نساء السرايات يمثلن:
الرخاء
القوة الناعمة
استغلال النفوذ
الفصل الذي تزور فيه امرأة من السرايا مصطفى وتعانقه أمام الخدم يوضح التناقض الطبقي الاجتماعي بامتياز .
ثامنًا: الطاعون والفئران – استعارة للانهيار الطبقي
ظهور الفئران وهروبها الجماعي، ثم مجيء القطط، ثم خوف القرى من بعضها—كل هذا يعكس:
انهيار اقتصادي
فوضى اجتماعية
فقدان الثقة في السلطة
مشاهد الفئران الجائعة في الطرقات مثل صراخ الأطفال
هي صورة ماركسية بامتياز للمجتمع عند حد الانهيار.
تاسعًا: الخلاصة الماركسية للرواية
رواية للقطط نصيب معلوم تقدم نقدًا اجتماعيًا عميقًا:
الطبقة المسيطرة تحتكر الأرض والثروة
الفقراء يُساقون بالشائعة والدين والخوف
الوعي الزائف يمنع الثورة
الظلم يعاد تدويره عبر الأجيال
القطط رمز للبروليتاريا الباحثة عن حقها
وصوت مصطفى هو صوت الإنسان المكافح الذي يقاوم بالقيمة لا بالقوة
الرواية في جوهرها تقول:
> لا عدل ما دام نصيب الفقراء بيد الأغنياء.
ولا مستقبل ما دام الجوع يُفسر على أنه قدر وليس نتيجة ظلم.




