
قال الدكتور عبدالرحمن طه، خبير الاقتصاد الرقمي، إن الناتج الإجمالي للإنشاءات السعودية في قطاعات حيوية مثل البناء والنقل والطاقة والنفط والغاز والصناعة والمياه والكيماويات بلغ قرابة 555 مليار ريال مع نهاية العام الماضي، أي بزيادة سنوية قدرها 4.6% مقارنة بالعام الذي سبقه. وأشار طه إلى أن وتيرة التصاعد مستمرة بدعم استراتيجيات التنمية، ويُتَوقع أن يصل القطاع إلى حجم 716.2 مليار ريال بحلول عام 2029، مستفيدًا من ديناميكية رؤية المملكة لتعزيز مكانتها كمركز عالمي للسياحة والتجارة والخدمات اللوجستية.
وأوضح طه أن إجمالي قيمة العقود الممنوحة لمشروعات الإنشاء خلال السنوات الخمس الماضية تجاوز 807.75 مليار ريال، ما يؤكد على قوة الالتزام الاستثماري في جميع المناطق السعودية، وخصوصًا في المشروعات العملاقة متعددة الاستخدامات والبنية التحتية الذكية.
وألمح طه إلى أن المشروعات الضخمة الجاري تنفيذها تطلبت حشد خبرات متخصصة وسرعة تنفيذ غير اعتيادية؛ ما أدى إلى زيادة الحاجة لمقاولين وشركات عالمية ذات اختصاص، وتوقع أن السوق السعودية بحاجة إلى دخول 20 إلى 30 شركة متخصصة جديدة في الإنشاءات عالية الكفاءة خلال العامين إلى الثلاثة أعوام المقبلة لضمان تلبية الطلب المتنامي. مؤكّدًا أن وجود الشركات الدولية ضروري لتحفيز الابتكار وتحسين معايير القطاع.
ومن جهة أخرى، لفت طه إلى أن الاستثمارات العقارية والبنية التحتية في إطار رؤية 2030، المقدرة بقيمة 1.3 تريليون دولار، ترسم ملامح مرحلة نمو كبرى وتفتح الباب أمام تحول تنموي غير مسبوق، مع الإشارة إلى أن العاصمة الرياض—التي ينمو عدد سكانها نحو 10 ملايين بحلول 2030—حظيت بعقود إنشائية بلغت 507 مليارات ريال، وهو ما يعادل 63% من إجمالي العقود الوطنية، بينها نسبة 29% لمشروعات النقل فقط.
وكما تشير البيانات المتاحة أوضح طه أن التحول العمراني يستهدف توفير أكثر من مليون مسكن جديد، وأكثر من 362 ألف غرفة فندقية، بالإضافة إلى ما يزيد على 7.4 مليون متر مربع لمساحات التجزئة و7.7 مليون متر مربع من المساحات المكتبية بحلول نهاية العقد.
وألمح طه إلى أن مشروعات “جيغا” التطويرية، وعلى رأسها مشروع “المربع الجديد” بقيمة 50 مليار دولار، ستعيد رسم معالم شمال غرب الرياض عبر تطوير 19 كيلومترًا مربعًا وإضافة 18 حيًا حديثًا لتعزيز قطاع الضيافة.
ومن جانب آخر، أشار طه إلى أن التوترات التجارية العالمية، مثل الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، ساهمت في ارتفاع أسعار مواد البناء وزيادة تكاليف الاستيراد، ما دفع المملكة إلى تعزيز الاعتماد على المنتج الوطني عالي الجودة والمنافس خارجياً من حيث الكلفة والقبول، بما يدعم الاستدامة والقدرة على الحد من المخاطر الخارجية.
وشدد طه على أن الطفرة المتواصلة في تطوير القطاع السياحي—عبر مشاريع مثل القدية والبحر الأحمر وأمالا—تحفز النشاط الإنشائي وتؤهل المعالم الوطنية للانضمام لقائمة التراث العالمي، في وقت تشهد فيه الرياض طلبًا قياسيًا وضخ استثمارات فندقية مرتقبة بنمو يتجاوز 30% عام 2025، ما يعزز تحقيق هدف استقطاب أكثر من 150 مليون زائر سنويًا بحلول 2030.
واختتم طه مؤكدًا أن السياسات الجديدة فتحت الأبواب أمام المستثمرين الأجانب لنقل التكنولوجيا والخبرات، مما يدعم التنافسية ويعزز ثقة المستثمرين بالاقتصاد الوطني ويوفر قاعدة صلبة لتحقيق التنمية المستدامة في قطاع البناء والتشييد السعودي.